إذا استثنينا استراليا فإنّ القارة الأوروبيّة هي أصغر قارات العالم وهي على الرغم من هذا تحتّل مركزاً حيويّاً في العالم كما تساهم في اتخاذ أهم القرارت العالميّة، يمكن النظر إلى أوروبّا كامتداد تاريخيّ شرقيّ نوعاً ما من خلال الحقبة اليونانيّة التي اتسمت بالطابع الفلسفيّ والعلميّ، وتقسيم مراحلها بعد ذلك إلى فترة ظهور المسيحيّة أي بداية التقويم الميلاديّ، وفترة عصر النهضة وما بعدها، حيث يأفل فيها الدور الكنسيّ وتبدأ التيارات الفلسفيّة والفكريّة والعلميّة والثورات الصناعية الفرنسيّة والبريطانيّة بالظهو، إنّ المتغيّرات التي طرأت على القارة الأوروبيّة على صعيد المعرفة البشريّة، أو على صعيد الشخصيّات التي تحقّقت النقلات النوعيّة على يدها، وفي الحقيقة من الأمور المهمّة التي تجعل من الضروريّ ومن الأهميّة بمكان تناول المتغيّرات في القارة الأوروبيّة بل وضعها تحت المجهر، هو الطابع الحركيّ الذي تمتّعت به نظريّاتها، أيّ انتقالها عبر الحدود وشيوعها في أرجاء المعمورة، بل إنّ الفكر البشريّ إلى اليوم هو مشغول بتحليلها على حدٍّ سواء من يقبل الفكر الغربيّ أو من لا يقبله، إن التأثير الجامح الذي اتسّم به الفكر الغربيّ عند الآخرين قد وصل ببعض مراحله للقضاء على التراث أو تحييده إذا صحّ المعنى في الجغرافيا التي امتدّ إليها، أو أنّه خالط طبيعة الثقافة لدرجة أنّه أصبح جزءاً منها، كل هذه المعطيات تُظهر بما لا يدعو مجالاً للشكّ الأهميّة الملحّة لتناول الفكر الغربي، وهنا لا بدّ أن نشير إلى أنّ الجغرافيا الأمريكيّة فكراً ومفكرين ألحقناه كدراسةٍ في هذا القسم.