بسم الله الرحمن الرحيم

    العصر الذي نحيا فيه وتنمو فيه قوانا الجسمانيّة والمعنويّة، الذي يسمّى بعصر الذكاء الاصطناعيّ والآلة، أخذ بالتمدّد الهائل منذ القرن الحادي والعشرين على حساب العقل البشريّ خصوصاً، والإنسان عموماً، ليعطينا انطباعاً عن مستقبل الإنسان، الذي لا يبدو لنا أنّه مستقبلٌ مشرقٌ، وسط عالمٍ قد اجتاحه مكر الإنسان بالحرب، الخديعة، التسلّط، والتبعيّة، لينعكس كلّ هذا على التركيب الإنسانيّ برمّته، محمّلاً إيّاه عبء الحركة في بحرٍ متلاطم الأمواج، غيهب الأعماق، متلمّساً نور الخلاص، الطاغي عليه حجب الواقع من جهل، ضعف، تخلّف، انحلال مبادئ، وضمن هذه المعايير مستهدين بنور الحقّ الإلهيّ انطلقنا من تأسيس المركز الإسلاميّ العلويّ لدراسة الفكر البشريّ في الجمهوريّة الإسلاميّة الإيرانيّة (بدايةً مع نيّة التوسّع) إلى نقل المعرفة في النطاق الذي يسمح فيه جهدنا العلميّ المتواضع في حقلين أساسيّين: الأوّل الفكر العلويّ، الثاني: الفكر البشريّ، والجامع لهما هو الفكر الإنسانيّ، الذي لايمكن أن يختلف في كليّاته سواءً كان في إطار زمانٍ ومكانٍ معيّنين، أو متعالٍ عن حدودهما، إذ أنّ طبيعة الإنسان المشتركة تجعله في خضمّ دائرة واحدة في التعامل مع الواقع في أسئلته الكبرى، حقيقة العالم، نشأة الإنسان، المعرفة الإنسانيّة، التغيّر والحركة، النظام الاجتماعيّ، الحياة الإنسانيّة، وغيرها من المسائل التي لا تزال الشغل الشاغل للتفكير الإنسانيّ، وسيبقى، فاتّجهت همتنا إلى هذين الأمرين:

   الفكر العلويّ: الذي نشأ من أهل بيت العصمة والطهارة عن الرسول الختميّ محمّد صلّى الله عليه وآله، وتبعهم في ذلك خوّاص أصحابهم وأعلام فكرهم، وحملة ذكرهم عبر العصور، وما تجشّمه الأكابر في نقل معين فكر آل الله، من السيد الحسين بن حمدان الخصيبيّ، ومحمّد بن عليّ الجليّ، وغيرهم إلى يومنا هذا، حيث تضمّنت أفكارهم وعلومهم نظريّاتٍ لطالما شغلت أسسها الفكر البشريّ، كعلاقة الطبيعة مع الله، الإنسان والله، عوالم الوجود، مكانة الإنسان، الهرمونطيقا الدينيّة، فكوّنت هذه النظريّات مجالاً واسعاً للبحث العلميّ، الذي غاب إلى حدّد بعيد عن البيت العلويّ، والذي تدعو الظروف اليوم إلى إعادة النهوض به، مستلهمةً هذه الدراسات روح وجوهر الفكر العلويّ الخالص النقيّ.

   الفكر البشريّ: المراحل التي مرّ بها الإنسان في عصر ما قبل التاريخ، والعصر التاريخيّ، أنبأتنا العلوم التقنيّة بوجود جملة من الأفكار الإنسانيّة والمعتقدات البشريّة عن القضيّة الثلاثيّة (كما نسمّيها) الله، الطبيعة، والإنسان، وفي معركة آرائه، قام الإنسان بتأسيس حضاراته المتعدّدة شرقاً وغرباً، شمالاً وجنوباً، باثّاً لفكره في كلّ مكان شغله، وكلّ زمانٍ قام فيه، وبتسليط الضوء على الفكر البشريّ بسياقاته العلميّة المختلفة، يظهر لنا عمق ووحدة هذا الفكر على حدٍّ سواء، واستناده إلى بعضه البعض، في وصوله إلى هذا النمط من التطوّر الذي يرتع به الإنسان، وبما أنّ الحضارات الشرقيّة: البابليّة، الفرعونيّة، وشبه القارة الهنديّة، هي مهد الفكر البشريّ (بناءً على رأي من الآراء)، وما أرساه تطوّر هذا الفكر في الغرب والشرق، فقد فتحت لنا نطاق البحث والدراسة للعمل عليها، وضاعف من أهميّة هذه الأبحاث، كون العالم إلى هذا اليوم يعيش في حقبة تنامي تلك المعرفة التي بدأت يوماً ما على هذه المستديرة.

من الفكر، في الفكر، وإلى الفكر، هذه هي الرسالة التي ينشدها المركز، رسالة حبّ، تآخٍ، سلام، وتواصل مع الآخر، رسالة تساهم في النهوض بالإنسان، المجتمع، والبشريّة إلى أوج كمالها المنشود الذي تبحث عنه وتنشده.

رئيس المركز الإسلاميّ العلويّ لدراسة الفكر البشريّ

يزن عليّ

——————————-

المركز الإسلاميّ العلويّ لدراسة الفكر البشريّ، مركزٌ خاص غير تابع لجهةٍ، أو أكاديميّة، ولا ينضوي تحت أيّ مؤسّسة، انطلقت فكرة تأسيسه من الرغبة الشخصيّة المتمثّلة بالعمل على الفكر والتراث العلويّ، بالإضافة إلى دراسة مواضيعه ونظرياته في الفكر البشري الدينيّ والإنسانيّ القديم، الحديث، والمعاصر، وخاصّةً في البعدين السوسيولوجيّ، والأنثروبولوجي، وتتمحور الأبحاث في ثلاثة حقول:

الأولى: الفكر العلويّ منذ عهد الأئمّة عليهم الصلاة والسلام، وحتى العصر الحديث؛

الثانية: الأديان بشقّيها البدائيّة والإبراهيميّة؛

الثالثة: الفكر البشري، حيث وزعناها حسب التقسيم الجغرافيّ، الآسيويّ، الإفريقيّ، والأوروبيّ، وهذا الصرح العلميّ الذي وفّقنا المولى تعالى له لا يحمل أيّ بعد طائفيّ، أو مذهبيّ أو سياسيّ، ولا يحاول القفز على المعطى الثقافيّ، أو الهيكليّ’ الاجتماعية للقارئ أو المتابع؛

لذلك هو لا يمثّل أي جهةٍ كانت لا طائفيّة، ولا دينيّة، بل هويّته علميّة، ونهضته فكريّة بحتة؛ وعليه فإنّ أبواب المركز الإسلاميّ لدراسة الفكر البشريّ مفتوحة لكلّ من يرغب بالعمل المشترك من مراكز ومؤسّسات وجامعات هيئات، وحتى أفراد ضمن رسالته في المحبّة والتعايش والسلام واحترام الآخر، وكذلك فإنّ أي مشاركة في فعاليّات وأنشطة المركز لمن أحبّ فالبواب مشرّعة بعد عرضها على لجنة التقييم المختصّة.

تقديم الفكر الصافي، والمعرفة النيّرة غاية نسعى إليها لبناء الإنسان الفرد، والإنسان المجتمع

المركز الإسلاميّ العلويّ لدراسة الفكر البشريّ